فصل: فصل في فضل السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الليل:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
في حديث أُبي: «من قرأها أَعطاه الله الحُسْنى، ويرضى عنه، وعافاه من العسر، ويَسّر له اليسر»، وحديث علي: «يا علي من قرأها أَعطاه الله ثواب القائمين، وله بكلّ آية قرأها حاجة يقضيها». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الليل مقصودها الدلالة على مقصود الشمس، وهو التصرف التام في النفوس بإثبات كمال القدرة بالاختيار باختلاف الناس في السعي مع اتحاد مقاصدهم، وزهي الوصول إلى الملاذ من شهوة البطن والفرج وما يتبع ذلك من الراحة، واسمها الليل أوضح ما فيها على ذلك بتأمل القسم والجواب، والوقوع من ذلك على الصواب، وأيضا ليل نفسه دال على ذلك لأنه على غير مراد النفس بما فيه من الظلام والنوم الذي هو أخو الموت، وذلك مانع عن أكثر المرادات، ومقتضى لأكثر المضادات. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {والليل إذا يغشى}:

السّورة مكِّيّة.
وآياتها إحدى وعشرون بلا خلاف.
وكلماتها إحدى وسبعون.
وحروفها ثلاثمائة وعشر.
فواصل آياتها على الأَلف.
قيل لها سورة اللَّيل؛ لمفتتحها.

.مقصود السّورة:

القسم على تفاوتُ حال الخَلق في الإِساءَة والإِحسان، وهدايتُهم إِلى شأْن القرآن، وترهيب بعض بالنار، وترغيبُ بعض بالجِنان والبدارُ إِلى الصّدقة كفارةً للذنوبِ والعصيان، ووعد بالرضى الرحمنُ المنَّان، في قوله: {وَلَسَوْفَ يرضى}.
السّورة محكمة. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الليل:
469- مسألة:
قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ} قدم فيها القسم بالليل وفى {الضحى} قدم القسم {بالنهار}؟.
جوابه:
لما كان المقسم عليه هنا: سعى الإنسان وغالبه المعاصي قدم الليل الذي هو مظنة الظلمة ولما كان المقسم عليه في الضحى لطفه بنبيه- صلى الله عليه وسلم قدم الضحى لحسنه. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

ومن المتشابه:
{فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى} وبعده: {فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى} أي سنهيّئه للحالة اليسرى، والحالة العسرى.
وقيل: الأُولى الجنَّة، والثانية النَّار، ولفظة: {سَنُيَسِّرُهُ} للإِزواج وجاءَ في الخبر «كلٌّ ميّسر لما خُلِق له». اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة الليل:
سميت هذه السورة في معظم المصاحف وبعض كتب التفسير (سورة الليل) بدون واو، وسميت في معظم كتب التفسير (سورة والليل) بإثبات الواو، وعنونها البخاري والترمذي (سورة والليل إذا يغشى).
وهي مكية في قول الجمهور، واقتصر عليه كثير من المفسرين. وحكى ابن عطية عن المهدوي أنه قيل: إنها مدنية، وقيل: بعضها مدني، وكذلك ذكر الأقوال في (الإِتقان)، وأشار إلى أن ذلك لِما روي من سبب نزول قوله تعالى: {فأما من أعطى واتقى} (الليل: 5) إذ روي: أنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري في نخلة كان يأكل أيتامٌ من ثمرها وكانت لرجل من المنافقين فمنعهم من ثمرها فاشتراها أبو الدحداح بنخيل وجعلها لهم. وسيأتي.
وعُدّت التاسعة في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الأعلى وقبل سورة الفجر.
وعدد آيها عشرون.
أغراضها:
احتوت على بيان شرف المؤمنين وفضائل أعمالهم ومذمة المشركين ومساويهم وجزاء كلَ.
وأن الله يهدي الناس إلى الخير فهو يجزي المهتدين بخير الحياتين والضالين بعكس ذلك.
وأنه أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم للتذكير بالله وما عنده فينتفع من يخشى فيفلحُ ويَصدف عن الذكرى من كان شقياً فيكون جزاؤه النار الكبرى وأولئك هم الذين صدهم عن التذكر إيثار حب ما هم فيه في هذه الحياة.
وأُدمج في ذلك الإِشارة إلى دلائل قدرة الله تعالى وبديع صنعه. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة الليل مكية.
وآياتها إحدى وعشرون آية.
بين يدي السورة:
* سورة الليل مكية، وهي تتحدث عن سعي الإنسان وعمله، وعن كفاحه ونضاله في هذه الحياة، ثم نهايته إلى النعيم أو إلى الجحيم.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالليل إذا غشي الخليقة بظلامه، وبالنهار إذا أنار الوجود بإشراقه وضيائه، وبالخالق العظيم الذي أوجد النوعين الذكر والأنثى، أقسم على أن عمل الخلائق مختلف، وطريقهم متباين {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى} الآيات.
* ثم وضحت السورة سبيل السعادة، وسبيل الشقاء، ورسمت الخط البياني لطالب النجاة، وبينت أوصاف الأبرار والفجار، وأهل الجنة وأهل النار {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} الآيات.
* ثم نبهت إلى اغترار بعض الناس بأموالهم التي جمعوها، وثرواتهم التي كدسوها، وهي لا تنفعهم في يوم القيامة شيئا، وذكرتهم بحكمة الله في توضيحه لعباده طريق الهداية وطريق الضلالة {وما يغني عنه ماله إذا تردى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى} الآيات.
* ثم حذرت أهل مكة من عذاب الله وانتقامه، ممن كذب بآياته ورسله، وأنذرهم من نار حامية، تتوهج من شدة حرها، لا يدخلها ولا يذوق سعيرها إلا الكافر الشقي، المعرض عن هداية الله {فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى}.
* وختمت السورة بذكر نموذج للمؤمن الصالح، الذي ينفق ماله في وجوه الخير، ليزكي نفسه ويصونها من عذاب الله، وضربت المثل بأبي بكر الصديق رضي الله عنه، حين اشترى بلالا وأعتقه في سبيل الله {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة والليل 92:
مكية وقال على بن أبي طلحة هي مدنية.
وقد ذكر نظيرتها في المدني الأخير والمكي ولا نظير لها في غيرهما.
وكلمها إحدى وسبعون كلمة.
وحروفها ثلاثمائة وعشرة أحرف.
وهي إحدى وعشرون آية في جميع العدد ليس فيها اختلاف.
وفيها مما يشبه الفواصل موضع واحد قوله عز وجل: {فأما من أعطى}.

.ورءوس الآي:

{يغشى}.
1- {تجلى}.
2- {والأنثى}.
3- {لشتى}.
4- {واتقى}.
5- {بالحسنى}.
6- {لليسرى}.
7- {واستغنى}.
8- {بالحسنى}.
9- {للعسرى}.
10- {تردى}.
11- {للهدى}.
12- {والأولى}.
13- {تلظى}.
14- {الأشقى}.
15- {وتولى}.
16- {الأتقى}.
17- {يتزكى}.
18- {تجزى}.
19- {الأعلى}.
20- {يرضى}. اهـ.

.فصل في معاني السورة كاملة:

.قال المراغي:

سورة الليل:
{يغشى}: أي يغطى كل شيء فيواريه بظلامه، {تجلى}: أي ظهر وانكشف بظهوره كل شيء، وما خلق: أي والذي خلق، وشتى: واحدها شتيت، وهو المتباعد بعضه من بعض.
{أعطى}: أي بذل ماله، {واتقى}: أي ابتعد عن الشر وإيصال الأذى إلى الناس، {بالحسنى}: أي بالخصلة الحسنى التي هي أفضل من غيرها، {لليسرى}: أي للخصلة التي تؤدى إلى يسر وراحة بتمتعه بالنعيم، {استغنى}: أي عدّ نفسه غنيا عما عند الناس بما لديه من مال، فلا يجد في قلبه راحة لضعفائهم ببذل المال والمعونة لهم، {بالحسنى}: أي بالفضيلة وبأنها ركن من أركان الاجتماع، {للعسرى}: أي الخصلة التي تؤديه إلى العسر، ويقال: {تردى} فلان من الجبل إذا هوى من أعلاه وسقط إلى أسفله.
{تلظى}: أصله تتلظى، أي تتوقد وتلتهب، يقال: تلظت النار تلظيا بمعنى التهبت التهابا ومنه سميت النار لظى، {يصلاها}: أي يحترق بها، كذب: أي كذب الرسول فيما جاء به عن ربه، {وتولى}: أي أعرض عن طاعة ربه، {وسيجنبها}: أي يبعد عنها ويصير منها على جانب، و{الأتقى}: المبالغ في اتقاء الكفر والمعاصي: الشديد التحرز منهما، {يتزكى}: أي يتطهر، {تجزى}: أي تجازى وتكافأ، ابتغاء وجه ربه: أن طلب مثوبته. اهـ.. باختصار.

.قال الفراء:

سورة الليل:
{وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى}
قوله عز وجل: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنثى...}.
هى في قراءة عبدالله {والذكرِ والأنثى} فلو خفض في قراءتنا {الذكر والأنثى} يجعل {وما خلق} كأنه قال: والذى خلق من الذكر والأنثى، وقرأه العوام على نصبها، يريدون: وخلقه الذكر والأنثى.
{إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتقى وَصَدَّقَ بالحسنى فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى}
وقوله عز وجل: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى...}.
هذا جواب القسم، وقوله: {لشتى} يقول: لمختلف، نزلت في أبى بكر بن أبى قحافة رحمه الله، وفى أبى سفيان، وذلك أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه اشترى تسعة رجال كانوا في أيدى المشركين من ماله يريد به الله تبارك وتعالى؛ فأنزل الله جل وعز فيه ذلك: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى واتقى...} {بالحسنى...} أبو بكر {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى...} للعود إلى العمل الصالح.
{فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى} وقوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى...}.
يقول: قد خلق على أنه شقى ممنوع من الخير، ويقول القائل: فكيف قال: {فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى} فهل في العسرى تيسير؟ فيقال في هذا إِجازته بمنزلة قول الله تبارك وتعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. والبشارة في الأصل على المفرح والسار؛ فإذا جمعت في كلامين: هذا خير: وهذا شر جاز التيسير فيهما جميعا.
وقوله عز وجل: {فَسَنُيَسِّرُهُ} سنهيئه. والعرب تقول: قد يسّرَت الغنم إذا ولدت وتهيأت للولادة: وقال الشاعر:
هما سيدانا يزعمان وإنما ** يسوداننا أن يسَّرت غنماها

{إِنَّ عَلَيْنَا للهدى}
وقوله عز وجل: {إِنَّ عَلَيْنَا للهدى...}.
يقول: من سلك الهدى فعلى الله سبيله، ومثله قوله: {وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ} يقول: من أرادَ اللهَ فهو على السبيل القاصد، ويقال: إن علينا للهدى والإضلال، فترك الإضلال كما قال: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرّ}، وهى تقى الحرّ والبرد.
{وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى}
وقوله جل وعز: {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى...}.
لثواب هذه، وثواب هذه.
{فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى}
وقوله تبارك وتعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى...}.
معناه: تتلظى فهى في موضع رفع، ولو كانت على معنى فعل ماض لكانت: فأنذرتكم نارا تلظّت.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء، قال: حدثنى سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال: فاتت عبيدَ بن عمير ركعةٌ من المغرب، فقام يقضيها فسمعته يقرأ: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى}: قال الفراء ورأيتُها في مصحف عبدالله: {تتلظى} بتاءين.
{لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأشقى}
وقوله عز وجل:{لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ الأشقى...}.
إِلاّ من كان شقيا في علم الله.
{الَّذِي كَذَّبَ وتولى}
وقوله عز وجل: {الَّذِي كَذَّبَ وتولى...}.
لم يكن كذّب بردٍّ ظاهر، ولكنه قصّر عما أمِر به من الطاعة، فجُعل تكذيبا، كما تقول: لقى فلان العدو؛ فكذب إِذا نكَل ورجع.
قال الفراء: وسمعت أبا ثَرْوان يقول: إِنّ بنى نمير ليس لجدهم مكذوبة. يقول: إذا لَقُوا صدقوا القتال ولم يرجعوا، وكذلك قول الله تبارك وتعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كاذِبَةٌ} يقول: هي حق.
{وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى}
وقوله عز وجل: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى...} أبو بكر.
{وَمَا لأحد عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى}
وقوله عز وجل: {وَمَا لأحد عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى...}.
يقول: لم ينفق نفقته مكافأة ليد أحد عنده، ولكن أنفقها ابتغاء وجه ربه، فإلاّ في هذا الموضع بمعنى (لكن) وقد يجوز أن تجعل الفعل في المكافأة مستقبلا، فتقول: ولم يُرد مما أنفق مكافأةً من أحد. ويكون موقع اللام التي في أحد- في الهاء التي خفضتها عنده، فكأنك قلت: وماله عن أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها، وكلا الوجهين حسن، قال الفراء: ما أدرى أي الوجهين أحسن، وقد تضع العرب الحرف في غير موضعه إذا كان المعنى معروفا. وقد قال الشاعر:
لقد خفت حتى ما تزيدُ مخافتي ** على وعلٍ في ذى المكاره عاقِل

والمعنى: حتى ما تزيد مخافة (وعل) على مخافتى، ومثله من غير المخفوض قول الراجز:
إن سراجا لكريم مفخره ** تحلى به العين إذا ما تجهره

قال الفراء: حلِيت بعينى، وحلَوت في صدرى والمعنى: تحلى بالعين إذا ما تجهره، ونصبُ الابتغاء من جهتين: من أن تجعل فيها نية إنفاقه ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه. والآخر على اختلاف ما قبْلَ إلاّ وما بعدها: والعرب تقول: ما في الدار أحد إِلاَّ أكلباً وأحمرةً، وهى لغة لأهل الحجاز، ويتبعون آخر الكلام أوله فيرفعون في الرفع، وقال الشاعر في ذلك.
وبلدةٍ ليس بها أنيس ** إِلاّ اليعافير وإِلاّ العيس

فرفع، ولو رفع {إلا ابتغاء وجه ربه} رافع لم يكن خطأ؛ لأنك لو ألقيت من: من النعمة لقلت: ما لأحد عنده نعمةٌ تجزى إِلا ابتغاء، فيكون الرفع على اتباع المعنى، كما تقول: ما أتانى من أحد إِلاَّ أبوك. اهـ.